الاثنين، 10 أكتوبر 2011

أنامل رقيقة تحمل البندقية



نورس الشباني

طفلٌ حطَ رحاله في أوان الوحوش فهل يصبح مثلهم ليحيا أم يسعى ببرائته و عفويته إلى إظهار الإنسان فيهم و تغييرهم ؟
و أستغربُ أن بعض الأطفال اختار سلاحه و قررَ دفن البراءة في أعماقه ظناً منه أنها تضعفه ليظهر بمظهر القوي الذي لا يُهزم ملاحقاً طفلاً آخر اختبأ خلف عمود الكهرباء و قد توجه نحوه ببندقيته البلاستيكية و كأنهم يصورون فيلماً وثائقياً عن إحدى حروب العراق الكثيرة التي هاجمت كبيرنا و صغيرنا فأزهقت الأرواح و شوّهت أفكار أطفالنا و رقتهم الفطرية لتحولهم إلى مهاجمين عنيفين حتى في اختيار ألعابهم .
و هذه النوعية من الألعاب تترك أثراً سلبياً في أطفالنا ، يختبأ هذا الأثر خلف ستار التسلية و المتعة التي نتوهم أنها تحققها لهم ، فهي تخلق لديهم شعوراً بالخوف و القلق الدائمين ممن حولهم و القسوة في تعاملهم مع الآخرين و ردود أفعال لا تمتُ للطفولة بصلة ، فضلاً عن إنها لا تحمل معنى إيجابي على عكس ألعاب أخرى بناءة كالمكعبات و الألعاب الناطقة و السببية التي تضيء عند لمسها مثلاً أو تنطق بمعلومة ما فتنمي القدرة على البناء لدى الأطفال و تساعدهم في النطق و غرس حب المعرفة فيهم ، و ما يؤكد ذلك نظرية النمو الجسمي للعالم (كارت) القائلة بأن ((اللعب يساعد على نمو الأعضاء و لاسيما الجهاز العصبي)) حيث مازال الطفل في مرحلة التكوين و هو على جاهزية عالية للتأثر بالمحيط الذي يعيش فيه و ما يحويه من سلبيات أو إيجابيات يجهلها و لا يفرّق بينها ، و تفاعل الأطفال في مراحل حياتهم الأولى مع ألعابهم يحتّم علينا اختيارها بصورة صحيحة و مدروسة لتجنب تأثيرها السلبي في تكوينهم إلا إننا و رغم أهمية هذا الجانب فنحن لا نوليه الاهتمام الكافي حيث نختار ألعاب أطفالنا بصورة عشوائية و ما إن يتقدم عمر الطفل حتى يطلب اختيار ألعابه بنفسه فنشتريها له دون الانتباه إلى الفئة العمرية المسموح بها لهذه اللعبة و المكتوبة عليها فيقتني مسدساً أو أحد ألعاب البلي ستيشن التي أغلبها حروب ذات مبدأ الفوز بأي وسيلة ممكنة فيستسيغ الطفل قتل أعداءه للدفاع عن نفسه و جمع نقاط الفوز و يلعب بصورة فردية بعيداً عن الجماعة التي تقوي تواصل الأطفال مع بعضهم لاحقاً .
و يتميز الإنسان العراقي بإحساس مرهف فنراه يميل إلى الحزن بقصائده و ألحانه متأثراً بكل ما مرَ و يمرُ به من أحداث خلّفت الكثير من المآسي و الآلام و عدداً كبيراً من الأرامل و اليتامى و جروحاً لم تندمل بعد ، تتجدد على مر الأجيال فأثرت على سلوكنا و صفاتنا و تكوين أطفالنا و اختياراتهم و آرائهم ، و الخطوات الصحيحة في تربيتهم تتضمن أساليب كثيرة علينا معرفتها و استخدامها بدقة و دراسة كي نضمن نتيجة نجاحها و تنشئة سليمة لأطفالنا فهم الجيل الذي يرسم لنا المستقبل و ستعتمد جمالية صورته على صحة تنشئتهم أو خطأها .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.