السبت، 21 يناير 2012

جرأة قلم

غداء عمل مخالف لحقوق الإنسان


نورس الشباني


كانت تجهل "نور" تماماً أن ذلك الصحن الزاهي بألوان الطعام الجميلة يحمل بين زخارفه وجبة غداء لن تهنأ بتناولها ... فذلك الغداء الرسمي الذي يشوبه الزيف و التصنع كأغلب موائد العمل الأخرى ، شهد تعهداً من أحد المدعوين لورشة عمل حول حقوق الإنسان يقول فيه "لن أدخل بيتي أبداً إن اضطررت لغسل ملابسي بيدي فهذا من واجبات الزوجة" و سرعان ما سانده كل الرجال على تلك المائدة و كانوا أربعة أما "نور" فكانت المرأة الوحيدة بينهم التي لم تفعل شيئاً سوى أنها تركت طعامها لتوجه سؤالاً لهؤلاء المدافعين عن حقوق الإنسان و كان سؤالها ذكياً و بسيطاً و محرجاً حقاً فسؤالها هو "هل أنتم مسلمون؟" فخيم الصمت لوهلة و سبق الإجابة تردد و إحراج واضح .

ليس الحرج هنا أنهم ليسوا كذلك و ليس لأنهم لا يعرفون الإجابة بل لأنهم إن أقروا بأنهم مسلمون فسيقرون بأنهم لا يتحلون بمبادئ الدين الإسلامي ، و أتسائل ماذا سيقول عن الإسلام من لا ينتمي إليه و يعرف مبادئه لو سمع هذا الكلام ؟ فالحق مع من يعتقد أن الدين الإسلامي دين اضطهاد و استعباد إن سمع و رأى المسلمون ينطقون بكلام و يفعلون أموراً لا تتماشى ما مبادئ ديننا الإسلامي .
بالفعل لم تكن نور بحاجة إلى غير ذلك السؤال لوقف التمادي بإنتهاك حقوق المرأة على تلك المائدة ، فليس في القرآن ما يقول أن من واجبات المرأة أن تغسل الملابس أو الصحون أو الطبخ و غيره من الأعمال المنزلية ، بل جعل حتى رضاعتها لأطفالها طوعاً و يمكنها أن تتخذ أجراً على ذلك ، و ليس معنى قيامها بتلك الأعمال أنها أصبحت واجبات عليها و لكن ذلك دليل على قدرتها على تحمل المسؤولية و ممارسة العديد من الأعمال بجدارة و إتقان .
فلو يستطيع الزوج للحظات أن يتصور نفسه قد حل محل زوجته ، و رسمَ مسيرة يومه منذ اللحظة الأولى لاستيقاظه حتى خلوده إلى النوم في نهاية اليوم و لمدة يوم واحد فقط ، لعلمَ تماماً صعوبة الأعمال التي تؤديها المرأة يومياً في المنزل و في مكان العمل إن كانت موظفة ، و شعر بالفوضى التي يمكن أن تعم حياته لو لم تقم الزوجة بكل تلك الأعمال ، و أدرك أهمية وجودها و مكانتها في الأسرة و المجتمع، و صعوبة المهام التي تؤديها طوعاً و بطيب خاطر ، و قطعاً سيفهم أن تلك الأعمال لا تقلل من شأن المرأة بقدر ما أنها ترفعه .
و أفرحتني نهاية مناقشة "نور" مع بقية الحاضرين التي كانت لصالح المرأة و استندت فيها إلى أحكام الدين الإسلامي الذي أعطى مكانة كريمة و مشرفة للمرأة ، و لكن مازالت عادات الجاهلية المقيتة و للأسف ترافقنا حتى وقتنا الحاضر مبتعدة بنا عن كل مظاهر التمدن و احترام الآخرين و الإقرار بحقوقهم .

هناك 11 تعليقًا:

  1. عودتنا على الجرأة والابداع زميلتي ،شكرا لك على كشف هذه الصورة التي يهرب منها العديد , وفقك الله

    ردحذف
  2. شكراً لمرورك بالموضوع و تعليقك الرائع ...

    ردحذف
  3. موضوع رائع يا نورس ... نقر به نحن الرجال ولا نطبقه !!! وللاضافة فقط اقول ان من واجبات الزوج بحسب الشريعة الاسلامية ان يطبخ الطعام ويأتي بعينة منه الى زوجته لتتذوق طعمه وتقرر ما تقرر بشأنه . واكبر دليل على التساوي الانساني بين الرجل والمراة هو استقلالها المالي .

    ردحذف
  4. الاخت العزيزة نورس اقولها بأسف شديد نحن مسلمون بلا اسلام ومع نأخذ القشور ونترك اللب نعمل المستحبات ونترك الواجب واعمالنا على اهوائنا , والمرأة مظلومة بيننا والنظرة لها كنظرة الجاهلية الاولى مع شديد الاسف

    ردحذف
  5. نورس تحية طيبة عطرة... هذا دليل على ان الصبغة الغالبة على مجتمعنا ي الصبغة الذكورية التي ترى دونية المرأة.. كما انها تدل من جانب آخر على مجانبتنا للدين وتعاليمه ليس في هذا الموع وحسب بل في مختلف الجوانب الاخرى.. انا عن نفسي وسلي دعاء اذا احبتتِ نعم قد لا تسمح ظروفي القيام مثلا ببعض مهما البيت بيد اني لن اترفع عن ذلك... اولا لأن ذلك ليس من واجباتها كما ان الاسلام لم يلزم المراة الا في الامتاع اما في غيره فلها ان تقبل او ترفض.. على فكرة ومن باب الملاطفة (دعاء لا تجيد الخبز ابدا.. وانا من يخبز احيانا عند الضرورة اي عندما لا يوجد خبز في البيت ولم يمكنني تأمينه من السوق او من بيت اهلي.. هذا غير اجادة غسل الملابس وامور المطبخ وتنظيف البيت ... يعني ام بيت ممتازة هههههههههه شتكولين)... تحياتي العطرة اختي الكريمة نورس

    ردحذف
  6. سلام عليكم اختي نورس مع الاسف الشديد معاملة المراة بهذا الشكل مع انه زوجها المتفهم مشاعرها ولكن عندما يتعارض مع غروره كرجل نراه سي سيد

    ردحذف
    الردود
    1. عليكم السلام و رحمة الله و بركاته أخ حسن
      صحيح ما قلت و لو أنني أتسائل لماذا يكون هذا الغرور حاضراً في الحياة الزوجية من قبل أغلب الرجال؟

      حذف
  7. سيدتي الشباني ,أجدتِ وأفدتِ وأفرحتِ قلوبنا بما خطة يمناك ..غاليتي ليس الكثير من الرجال كما تتصورين فبعضهم جعلوا من المرأة حبيبة ،وأختا ،وإما، وبنت لهم لأنهم يعرفون الإسلام حق معرفته ويطبقون ما أوصاهم رسولهم صلوات الله عليه واله بالقوارير الرقيقة ....تقبلي غاليتي مروري المتواضع لتدوينتكِ الرائعة ...والشكر موصول لمن لا يغسل ملابسه الذي جعل قلمك تتفتح قريحته وينتصر للمرأة المغلوب عليها ..

    ردحذف
    الردود
    1. ليت جميع الرجال كما وصفتي ...
      و شكراً لك عزيزتي ، أنرت مدونتي بحروفك الراقية

      حذف
  8. بداء النبي دعوته ب امراءه وتوفي على صدر امراءه
    ولا زال الكثير يجهل فضل المراءه وعظم شانهاا وصلت لارقى مستوياتهاا واصبحت منافسس اول للرجل ولا زال لا يستوعب كل هذا التطوير
    ولا يجدها سوا بالطبخ والتفريخ

    ردحذف
    الردود
    1. مازالوا يجهلون لأنهم يرفضون المعرفة التي ستسلبهم التميز الذي يروه في أنفسهم عن المرأة

      حذف

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.