الأربعاء، 30 مايو 2012

يتنفسون المبادئ

نورس الشباني

قد يظلم طريق الحق الذي نسلكه ، و لا نستطيع أن نبصر نهايته ، و قد يتخلى عنا من اعتقدنا أنهم أصدقائنا في يوم من الأيام ، لكن هذا لا يعني أن تتلاشى الإرادة بتحقيق أحلامنا ، أو أن نتخلى عن مبادئنا ، فلا حياة لنا بدونها.
و هذا الإصرار على التمسك بالمبادئ يتطلب الكثير من مقاومة الظروف و الآراء و العقبات . و ليس كل مبدأ يستحق أن ندافع عنه ، و من السهل أن يصل الإنسان إلى هذه النتيجة سرعان ما يكتشف وهنَ مبدأه ذاك فيحيد عنه أحياناً ، و تأخذه العزة بالإثم أحياناً أخرى .

لكن تبقى المبادئ على اختلاف إيجابيتها أو سلبيتها ، سبباً مهماً للحياة و كأنها الهواء الذي يضمن لنا البقاء ، فالعيش دون شيء ندافع عنه ، أو نسعى لتحقيقه ، يجعلنا نشعر بأن لا سبب لوجودنا و بذلك نفقد الحياة من أرواحنا دون أن نشعر و نصبح لاحقاً أجساداً باردة تسير على الأرض دون وجهة محددة .
و لا يجب أن نستوحش طريق الحق لقلة سالكيه على قول الإمام علي (عليه السلام) ، فلا يعني عدم مشاركة أحد لمبادئنا أننا نحمل مبادئ خاطئة أو سيئة و في الوقت ذاته لا يثبت ذلك صحتها أيضاً ، فالمقياس هنا مدى مطابقتها لما يرضي الله عز و جل و يحقق الفائدة للآخرين قبل أنفسنا .
و لكن ألاحظ أن الكثيرين ممن يتمسكون بالصفات سلبية مثل الكذب و هو نقيض لمبدأ إيجابي هو الصدق ، ألاحظ أنهم يطالبون الآخرين بالتعامل معهم وفق المبادئ الجيدة و لا يحاولون هم التعامل بتلك المبادئ ، و لا أدري إن كانوا سيأثرون على أصحاب المبادئ الإيجابية ليضمحلوا شيئاً فشيئاً .
ما أعلمه فقط أنني إن وجدتُ من يخالف مبادئي فلا يعني ذلك أنه على خطأ و لا يعني أيضاً أنني مخطئة ، كما لا يعني قلة عدد أصحاب المبادئ أن الأرض ستكف عن الدوران ، فربما يكون دورانها بشيء من تلك المبادئ القليلة لذلك ليس علينا أن نستسلم أمام اللامبدأ .

هناك 8 تعليقات:

  1. الاخت العزيزة نورس .. هناك الكثير ممن عاش ومات وهو مؤمن بمبدأ ثبت خطأه عنده قبل غيره ، ولكنه اخذته العزة بالاثم فبقي صامتا حتى مع نفسه ، المعصوم عليه السلام يقول (تُعرف الرجال بالحق ..ولا يعرف الحق بالرجال) لذلك لابد ان نسلك طريق الحق مهما كان من يتبعه قلة كانوا ام كثرة ..ولا ننسى ما قالوا لاتباع الرسول الكريم صلى الله عليه واله وسلم ان ما اتبعه الا اراذل القوم .. فالمشركون والمنافقون كانوا يرون الحق بالرجال فيرون الاسلام باطل لان من اتبع النبي هم اراذل القوم وفقراءه ... تحياتي لقلمكم الرائع اختنا الغالية

    ردحذف
  2. الأخت نورس ..موضوع جميل ..القلة والكثرة ..دائما نرى ان القرآن الكريم يشير الى قلة عدد المؤمنين او الشاكرين ..وكثرة الكارهين الى الحق..(وأكثرهم للحق كارهون) ..ولم يؤمن بنوح الا القليل ...لذلك تتطرق الرب الجليل الى هذه النقطة من الأزل ليشد من عزم أصحاب المباديء والخلق القويم بأن لا يستوحشوا طريق الحق الذين هم سالكوه ...ان الله يثبت عباده المؤمنون ويمددهم بملائكة يسندوه..وقد حرص الله ان ينصر مئة صابر مؤمن على مئتين من الكفار ..فالفرد بعشرة..وهذه لغة الأرقام الربانية والحسنة بعشرة من أمثالها ..كل شيء بعشرة أضعافه في التجارة مع الله ..فكم هي تجارة مربحة ..وليسدد الله من خطاكم ..

    ردحذف
  3. الزميلة العزيزة نورس ...
    لاتستغربي في زماننا اي شيء ، ولا تدجزعي من اي شيء ،ولاتدعي يؤثر على خطواتك اي شيء، وعذرا لخطابي وكأنك المعنية في شيء، قد تكون وجهة نظر ،او تكون حادث معك، لايهم ،اسلفت لن يقف الارض عن دورانها ،ولذلك لابد ان يكون هناك من يحمل صفاتك التي وصفتها، وعليه سيكون هناك مثلك ،فقرين الاشياء منجذب اليها، وكما تحملين في ذاتك ، تاكدي ان لك ضلا يسير معك في ذلك الطريق ،فلا تستوحشي طريق الحق ابدا ،فوحشته متعة وفرحة غامرة ،نهايتها الصواب

    ردحذف
  4. أستاذ باسم الرائع ، شكراً لذكرك هذا المثال الذي يعزز ضرورة تمسكنا بالحق و إن وصفنا بمثل ذلك الوصف

    ردحذف
  5. الأخ حكمة الحياة ، فعلاً الطريقة التي يتعامل بهاالله سبحانه و تعالى مع المؤمنين و الحسنات شيء لم نتعوده في أي تجارة دنيوية التي تفترض أننا نحصل على قدر ما نعطي و ربما أقل مما أعطينا ، إذن تلك تجارة مربحة كما ذكرت حقاً ، وفقنا الله جميعاً لرضاه

    ردحذف
  6. الزميل المثابر تحسين ، إن أصحاب المبادئ السامية موجودون حتماً لأنها لو خليت لقلبت ، و أدعوهم أن لا تتزعزع ثقتهم بمبادئهم تلك مهما كانوا وحيدين بتمسكهم بها

    ردحذف
  7. احسنتِ ... مقالة جميلة وشكرا لكِ لتسليط الضوء على احدى الخصال التي باتت تمحى تدريجياً من واقعنا اليومي ... اتمنى لك التوفيق ادام الله يراعكِ ...

    ردحذف
  8. من المهم تداركها قبل ذلك ، شكراً جزيلاً نبراس ، و لك التوفيق يا رب ...

    ردحذف

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.